قصيدة قالها أبو الطيب في مدح أبي العشائر الحسين بن عليّ بن الحسين بن حمدان.
أتراها لكثرة العشّاق
تحسب الدمع خلقة في المآقي
كيف ترثي الّتي ترى كلّ جفن
راءها غير جفنها غير راقي
أنت منّا فتنت نفسك لكن
نك عوفيت من ضنى واشتياق
حلت دون المزار فاليوم لو زر
ت لحال النحول دون العناق
إنّ لحظا أدمته وأدمنا
كان عمدا لنا وحتف اتّفاق
لو عدا عنك غير هجرك بعد
لأرار الرسيم مخّ المناقي
ولسرنا ولو وصلنا عليها
مثل أنفاسنا على الأرماق
ما بنا من هوى العيون اللواتي
لون أشفارهنّ لون الحداق
قصّرت مدّة الليالي المواضي
فأطالت بها الليالي البواقي
كاثرت نائل الأمير من الما
ل بما نوّلت من الإيراق
ليس إلّا أبا العشائر خلق
ساد هذا الأنام باستحقاق
طاعن الطعنة الّتي تطعن الفي
لق بالذعر والدم المهراق
ذات فرغ كأنّها في حخا المخ
بر عنها من شدّة الإطراق
ضارب الهام في الغبار وما ير
هب أن يشرب الّذي هو ساقي
فوق شقّاء للأشقّ مجال
بين أرساغها وبين الصفاق
ما رآها مكذّب الرسل إلّا
صدّق القول في صفات البراق
همّه في ذوي الأسنّة لا في
ها وأطرافها له كالنطاق
ثاقب الرأي ثابت الحلم لا يق
در أمر له على إقلاق
يا بني الحارث ابن لقمان لا تع
دمكم في الوغى متون العتاق
بعثوا الرعب في قلوب الأعادي
ي فكان القتال قبل التلاقي
وتكاد الظبا لما عوّدوها
تنتضي نفسها إلى الأعناق
وإذا أشفق الفوارس من وق
ع القنا أشفقوا من الإشفاق
كلّ ذمر يزيد في الموت حسنا
كبدور تمامها في المحاق
جاعل درعه منيّته إن
لم يكن دونها من العار واق
كرم خشّن الجوانب منهم
فهو كالماء في الشفار الرقاق
ومعال إذا ادّعاها سواهم
لزمته جناية السرّاق
يا ابن من كلّما بدوت بدا لي
غائب الشخص حاضر الأخلاق
لو تنكّرت في المكرّ لقوم
حلفوا أنّك ابنه بالطلاق
كيف يقوى بكفّك الزند والآ
فاق فيها كالكفّ في الآفاق
قلّ نفع الحديد فيك فما يل
قاك إلّا من سيفه من نفاق
إلف هذا الهواء أوقع في الأن
فس أنّ الحمام مرّ المذاق
والأسى قبل فرقة الروح عجز
والأسى لا يكون بعد الفراق
كم ثراء فرّجت بالرمح عنه
كان من بخل أهله في وثاق
والغنى في يد اللئيم قبيح
قدر قبح الكريم في الإملاق
ليس قولي في شمس فعلك كالشم
س ولكن في الشمس كالإشراق
شاعر المجد خدنه شاعر اللف
ظ كلانا ربّ المعاني الدقاق
لم تزل تسمع المديح ولكن
ن صهيل الجياد غير النهاق
ليت لي مثل جدّ ذا الدهر في الأد
هر أو رزقه من الأرزاق
أنت فيه وكان كلّ زمان
يشتهي بعض ذا على الخلّاق