فكرت كثيرا..بهذا السؤال..أين هو الحب الحقيقي؟؟ وما هو..؟؟
درسنا وقرأنا..عن الحب كثيرا..حب عنترة لعبلة..وحب امرؤ القيس لليلى..وحب قارون للمال..وحب أبو لهب للجحود والسلطة..ولكنهم أفلسوا جميعا..وحبهم هنا تخلى عنهم أمام الله تعالى..
بالحب ترضع الأم وليدها، وتروم الناقة وحيدها، بالحب يعم السلام والوئام والوفاق.. بالحب يفهم الطلاب كلام المعلم، ويسير الجيش وراء القائد ويتقدم، وتذعن الرعية، ويعمل بالأحكام..
بيت لا يقوم على الحب مــهدوم، جيش لا يحمل الحب مهزوم، ولكن…….أخيرا وجدت الحب الحقيقي ..الحب الخالد ..الحب الأبدي….في " يحبهم ويحــبونه " " والذين ءامنوا أشد حبّا لله " فلم أطلب حبا دونه..
الحـب ليس رواية شــرقية… بأريجــها يتزوج الأبطال
الحــبّ مبـدأ دعوة قدسية… فيــها من النور العظيم جلال
أتى صلى الله عليه وسلم فلقن الصحابة حبّ الله وحبّه صلى الله عليه وسلم..يقول له عمر – كما في البخاري- : يا رسول الله ، والله ‘إنك أحب إلي من مالي ومن أهلي ومن ولدي إلا نفسي..
قال: لا يــا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك..
قال: فوالله يــا رسول الله إنك أحبّ إلي من نفسي..قال: الآن يا عمر..
وجدت الحب الحقيقي في مواقف الأبطال الشهداء..
فما الذي دفع أنس بن النضر أن يهب بسيفه إلى أحد فيقول له سعد بن معاذ: عد يا أنس..قال: إليك عني يا سعد ، والله الذي لا إله إلا هو إني لأجد ريح الجنة دون أحد…الله أكبر بالحب وجد ريح الجنة قبل موته..
وما الذي دفع حنظلة الغسيل أن يترك زوجته في أول ليلة ويهب وعليه الجنابة، فيقتل في سبيل الله ويقدم نفسه علامة على الحب..!! حتى يقول صلى الله عليه وسلم وهو يلتفت إلى السماء ويشيح بطرفه: " فوالذي نفسي بيده لأرى الملائكة تغسل حنظلة بين السماء والأرض.."
عبدالله الأنصاري يتكفن ويتطيب بعد أن يكسر غمد سيفه ويقول: اللهم خذ من دمي وروحي هذا اليوم حتى ترضى…
هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين ربّاهم على الحبّ..لله درّهم..
أليس بحب هــذا؟؟ بلى والله إنه من أعلى وأعظم الحب وأرقى الحبّ وأصدقه..
ولست أبالي حين أقتل مسلما
………………على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
……………… يبــارك على أشـلاء شلو ممزع
وجدت الحــبّ بحرا واسعا رحبا..حتى جعله الله من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله..وشرط الحب هنا أن يكون لله وفي الله..
سأل سائل الرسول صلى الله عليه وسلم..: متى الساعة؟؟ فقال: ويلك وما أعددت لها؟ قال ما أعدت لها إلا أني أحب الله ورسوله، قال: إنك مع من أحببت..قال أنس في البخاري: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وأرجوا أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم..أخرجه البخاري
كتب الشافعي للإمام أحمد رسالة توجها بأبيات يقول:
أحب الصالحين ولست منهم… لعلي أن أنـال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي… ولو كنا سواء في البضاعة
فوصلت أحمد فبلها بالدموع وكتب فقال:
تحـب الصالحين وأنت منهم….ومنـكم قد تناولنا الشفاعـة
ولذلك من علامة المؤمن أن يحب المؤمنين وإن لم يعمل بعملهم، ويبغض العصاة ولو عمل بعملهم..وعلامات المنافق أنه يكره الطائعين ويعادلهم، ويحب العصاة ويعمل بعملهم..فهذا فارق بين من يحب في الله عزوجل، ومن يحب في غير الله..
يقول الإمام علي أبو الحسن رضي الله عنه وأرضاه تزودوا من الإخوان فإنهم ذخر في الدنيا وفي الآخرة..قالوا: يا أمير المؤمنين أما في الدنيا فصدقت، لكن في الآخرة كيف؟؟
قال: أما يقول الله تعالى" الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين" أما يقول الله عز وجل في الكفار لما عوتبوا قالوا:" فما لنا من شافعين* ولا صديق حميم " فلو كان لهم صديق لكان نفع في هذا الموقف الحرج بشرط أن يكونوا مسلمين..
وجدت الحب الصادق الحقيقي..في بعض الناس الذين إذا ذكر الله تعالى وحبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم..دمعت عيونهم من شدة حبهم له..
ابن تيميه يترجم لبعض العلماء في الفتاوى يقول: كان إذا ذكر صلى الله عليه وسلم..في مجلسه تغير وجهه.
وكان علي بن الحسين زين العابدين..يصفر وجهه إذا ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم..
بأبي أنت وأمي يا رسول الله….
وذكر ابن كثير عن بعض الأمراء من بني أيوب في البداية والنهاية قال: كان في الدنيا عليه بعض الخطايا وكان من الأمراء الذين أجادوا في الجهاد..
قال: فلما توفي رآه العلماء في المنام وله جناحان من نور يطير في الجنة من شجرة إلى شجرة، وقالوا : أنت فلان؟؟ قال: نعم..قالوا: ما كان عملك في الدنيا بذاك العمل!! قال: أما سمعتم في الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " المرء مع من أحب" ؟؟ قالوا: بلى!! قال: فوالله الذي لا إله إلا هو، ما كان في الدنيا شئ أحب إلى من الله ورسوله..
وغيرها الكثير من القصص والمواقف التي تروي قصص الحب الحقيقي الصادق..
" والذين آمنوا أشد حبّا لله " اللهم اجعلنا ممن يحبك ويحب من يحبك، ليؤنسنا قربك، اللهم ازرع شجرة حبك في قلوبنا لنرى النور في دروبنا وننجو من ذنوبنا ونطهر من عيوبنا..
فليتك تحلو والحياة مريرة
…………..وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
…………..وبيني وبيـن العالـمين خراب
إذا صحّ منك الودّ فالكل هيّن
………….وكل الذي فـوق التـراب تراب
اللــــهم اشـهد أننا نحبك ونحب رسولك وحبيبك صلى الله عليه وسلم ،وأصحابه أجمعين والصالحين والتابعين والشهداء..اللهم اجمعنا مع إخواننا الذين أحببناهم فيك ولك في هذه الدنيا..في جنة النعيــم..اللهم آميييين..
فائدة..
ولكن إخوتي لا يغتر مغتر بذلك فيترك العمل...يقول الحسن: لا يقول أحدكم ..المرء مع من أحب، فيعمل عمل الجبارين ويريد أن يحشر مع الطائعين...وقس ذلك أخي..أختي في الله...على كل من أحب إنسانا وليسأل نفسه ..لم أحبه...؟؟ وليراجع كل واحد منا أحبابه...لأنه سيحشر مع من أحب....
__________________
أمتي يا ويح قلبي ما دهاكِ ** دارك الميمون أضحى كالمقابر
كل جزء منكِ بحـر من دمــاء ** كل جزء منكِ مهــدوم المنابـر